Back

المقال العلمي لهذا الاسبوع 

البحث العلمي ورصانة المؤسسات الاكاديمية

أ.م.د عباس مهدي عبد

قسم الهندسة المدنية 

تعتبر المؤسسات الاكاديمية الحاضنة الرئيسية لحركة النمو والتطور النوعي لجميع التوجهات العلمية والتكنولوجية في المجتمعات المتطورة. فالجامعات ومراكز البحث العلمي توفر البيئة المثلى لتنمية الفكر البحثي واغنائه بالوسائل النظرية والامكانات المادية والمستلزمات البحثية لانجاز ما يسعى اليه الباحث. فعلى رحابها يلتقي المختصين على اختلاف توجهاتهم وبين ثنايا افنيتها تجد المختبرات والمكتبات وموارد المعرفة المختلفة التي تؤسس لقاعدة متينة في البحث العلمي.

من جانب اخر، فان النتاج البحثي للمؤسسة الاكاديمية له الدور الاساس في الارتقاء بمستوى وتصنيف المؤسسة محليا وعالميا. فهو احد المؤشرات المهمة بل لعله اهمها ضمن معايير التصنيف الدولي المختلفة لتحديد تسلسل المؤسسات الاكاديمية من حيث الاهمية والتاثير.

هذا التبادل والتناغم بين المؤسسة الاكاديمية وحركة البحث العلمي ادركته مبكرا كبريات الجامعات العالمية فاتخذته الاساس والمعيار الاهم في تقييم انشطتها ومنتسبيها وتسابقت تلك الجامعات على الارتقاء بحركة ونشاط البحث العلمي ووفرت له كل الدعم المعنوي والمادي مما انعكس ايجابا على تعزيز مكانتها علميا ورصانتها بحثيا وتاثيرها عالميا. ولنا في تجارب بعض دول العالم الثالث المقاربة لبلدنا في الامكانات المادية والبشرية امثلة واضحة في اهمية دعم البحث العلمي لتحقيق المكانة العالمية المرموقة للمؤسسات الاكاديمية وبالتالي السمعة العلمية والحضارية للبلد. فتجارب كل من ماليزيا وايران وتركيا في تنمية البحث العلمي جعل من مؤسسات تلك الدول ترتقي الى مراتب متقدمة في التصنيف العلمي والبحثي على مستوى المؤسسات والدول. فلقد احتلت الدول الثلاث على سبيل المثال المراتب (35 و 22 و 20) على المستوى العالمي وفق مؤشر سيماغو (Scimago Journal & Country Rank) لسنة 2016 وكذلك تعتبر هذه الدول متقدمة في باقي مؤشرات البحث العلمي.

ان الرؤية التي نقترحها كي نحقق الرقي لمؤسساتنا الاكاديمية وترصين انشطتها بما يعزز مستوى التصنيف الدولي لانشطتها البحثية ترتكز اعتماد منهجية علمية وستراتيجية ناجعة لادارة العملية البحثية بشكل متدرج ومنطقي. ومما نقترحه هنا ان يتم تخصيص جزء من موارد برامج الدراسات العليا والدراسات المسائية او سواها لدعم الانشطة البحثية ذات الاثر الايجابي في رفع مستوى التصنيف الدولي للجامعة. وهنالك مجالات كثيرة يمكن تبنيها على سبيل المثال:

  1. اعتماد مبدأ التشجيع الايجابي وتنمية المبادرات والابتعاد عن الالزام الجبري.
  2. دعم تسجيل براءات الاختراع دوليا ومحليا وان تكون الجامعة هي الطرف الراعي رسميا لها.
  3. التمويل الكلي او الجزئي لنشر البحوث في مجلات ذات معامل تاثير (JCR-Thomson Reuters) و (SJR-Scimago) حصرا.
  4. تخصيص جائزة سنوية باسم الجامعة تمنح في كل تخصص لافضل بحث علمي منشورفي مجلة ذات معامل تاثير.
  5. تفعيل دور هيئة تحرير المجلات العلمية وتعزيزها بباحثين لهم بحوث منشورة في مجلات ذات معامل تأثير.
  6. انتقال المجلات العلمية الى الادارة الالكترونية الكاملة في استلام وتقييم ونشر البحوث وفق انظمة حديثة.
  7. تشجيع هيئة تحرير المجلة بوضع خطة عمل مكتوبة لادخال المجلة ضمن احد التصنيفات اعلاه وفق مدة زمنية محددة.

ان من شأن تنمية البيئة الحاضنة للبحث العلمي ان تشجع غزارة الانتاج وترتقي بنوعية البحوث المنشورة وبالتالي الارتقاء بمستوى تصنيف الجامعة. وذلك سوف يؤدي حتما الى جعل المؤسسة الاكاديمة محور النشاط العلمي والبحثي ومقصد المؤسسات والشركات الراغبة بتطوير اعمالها وتنمية قدراتها حسب السمعة العلمية التي ستكتسبها المؤسسة الاكاديمية والمصداقية العالمية لانشطتها. وبالتالي سيكون الجهد المبذول استثمارا مثمرا ينعكس على المؤسسة الاكاديمية بمزيد من النشاط والعلاقات المؤثرة في المجتمع ويحقق مردودا ماديا من خلال الشراكة مع باقي المؤسسات والشركات بايجاد الحلول وتنمية القدرات. هذا التكامل المتبادل بين الجامعة والمجتمع والبيئة المحيطة هو ما يحقق التطور والازدهار المنشود الذي تسعى اليه الامم والشعوب، وهو ما يحقق رسالة الجامعة واهدافها

 

المقالات العلمية