Back

النانو تكنولوجي … نافذة محدودة بلا حدود  

م.م. عصام صلاح حميد

قسم الهندسة الإلكترونية

 


 

في الماضي البعيد عبر الإنسان عن نفسه بعدة طرق فمعظم نواتج الإنسان كانت ترجمة وامتدادا لقوة عضلاته كبناء الأهرامات مثلا،  في حين شهدت  فترة الثلاثينيات بداية تفكير مختلف عكس اختراعات عديدة عبرت عن مخرجات العقل البشري وقوة تفكيره وقد يكون أهمها الحاسوب الذي كان يفوق حجم غرفة كاملة تكافئه اليوم تلك الحواسيب الصغيرة التي تفوق سرعة الحواسيب الماضية بأضعاف المرات . قد لا تكون تلك هي المقارنة الوحيدة فما كان في الماضي بطيئا أصبح اليوم أسرع وما كان اكبر وأثقل أضحى اصغر وأخف وزنا. السؤال هو : كيف يمكن ذلك؟ إن كنا نحن نعرف وندرك الجواب لأننا نستذكر الماضي الذي دوناه بأيدينا، فما بال ذلك الإنسان الذي عاش في الماضي وهل باستطاعته هو أن يتخيل حجم التطور في العلوم المختلفة إذا ما أخبرناه بما طرأ على العالم من تغير؟! وهل سيأتي اليوم الذي يكتب فيه احدهم مقالا تكون فيه فترة الثلاثينيات ماضيه البعيد وحاضرنا ماضيه وحاضره مستقبلنا ومن ثم يطرح تساؤلا عن ما اذا كنا نحن قادرون على تخيل مستقبلنا الذي هو حاضر لذلك الشخص الافتراضي؟ دعونا نبتعد لنقرب المسافات نحو ذلك الجزء الصغير المعروف بالــ ( نانو ) . تخيل عزيزي القاريء انك تأخذ شريطا بطول متر واحد ثم تقوم بتقسيمه إلى ألف مليون جزء لتصل الى النانو الذي يفوق صغر كريات الدم الحمراء المقدرة بـ 7500 نانومتر بل ويفوق صغر الفيروسات المختلفة. صحيح أننا لا نتمكن من رؤية النانو ولكن بمقدورنا تلمس وتحسس نتائج ذلك العالم الصغير في كثير من الأشياء الموجودة في عالمنا الكبير.

 ولكي يكون النانومتر اقرب للتصور فاعلم أن المورث الجيني  DNAيتراوح قطره بمقدار 2-2.5 نانومتر أو تخيل أن النانومتر يعادل ما يقارب عشرين ذرة تجعل منه المفتاح الأساسي في التفكير لبناء أي مادة ذرة إثر ذرة وصولا لبناء محكم بل يقول الخبراء انه بالإمكان تعديل خصائص ذلك البناء للحصول على نتائج جديدة  تجعلنا نفكر جديا في التساؤل فيما إذا كان حل مشاكل البشر الكبيرة كامنا في ذلك العالم الصغير. نعم هنالك في ذلك العالم الصغير تكمن علوم ومعارف غزيرة ستسهم في انتاج ما لا يتصوره العقل حاليا على أقل تقدير ولكنها تبقى محدودة بعلم القدير القائل ( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ).

   

 

Leave A Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *