نظرية الفوضى (Chaotic Theory) والاتصالات م.م جنان نصيف شهاب قسم هندسة الاتصالات |
![]() |
نظرية الفوضى (Chaotic Theory) والاتصالات كان ولا يزال أهم ما يُميز البشر ويدفعهم إلى الأمام هي قدرتهم على ملاحظة الأنماط والتعرف عليها، ومن ثمَّ التعبير عنها برموز أُطلق عليها -بعد ذلك- الرموز الرياضية. كتعرف نيوتن على نمط حركة الكواكب وصياغتها في معادلات الجاذبية. وتعد أهم مميزات هذه المعادلات أنَّها بلا لبس ولا غموض. ولكن في المقابل سنجد أنَّ أهم ما يُميز الفوضى هو عدم احتوائها على أي نمط، وهذا يجعلنا نتسائل كيف يمكننا دراستها إذن؟! هنا يجب عليا التوقف للحظة و معرفة ما هي الفوضى ؟! قد تم اشتقاق كلمة الفوضى من الإغريق، والذي يشير إلى عدم القدرة على التنبؤ. تُعرَّف الفوضى بالمعنى العام على أنَّها فقدان للنظام والترابط بين أعضاء أي مجموعة. ويمكن أن تكون هذه المجموعة مجموعة بشرية أو نظام صناعي. ولكن نظرية الفوضى أو الشواش- كما يُطلق عليها- تُعرِّف انها من أحدث النظريات الرياضية الفيزيائية التي تتعامل مع موضوع الجمل المتحركة (الديناميكية) اللاخطية التي تبدي نوعا من السلوك العشوائي يعرف بالشواش، وينتج هذا السلوك العشوائي إما عن طريق عدم القدرة على تحديد الشروط البدائية أو عن طريق الطبيعة الفيزيائية الاحتمالية لميكانيك الكم. تحاول نظرية الشواش أن تستكشف النظام الخفي المضمر في هذه العشوائية الظاهرة محاولة وضع قواعد لدراسة مثل هذه النظم مثل الموائع والتنبؤات الجوية والنظام الشمسي واقتصاد السوق وحركة اللأسهم المالية والتزايد السكاني. أخذت نظرية الفوضى شهرتها الحالية من خلال الأميركي إدوارد لورانز (Edward Lorenz) عالم الأرصاد الجوية عندما لاحظ بالصدفة عام ١٩٦٣ أن تغيّرات طفيفة في الشروط الأولية في المعادلات الرياضية التي تحاكي نظام الطقس، يمكن أن تؤدي إلى نتائج مختلفة راديكالياً (من طقس مشمس إلى أعاصير مثلاً) وقد ربطها بثلاث معادلات رياضية بسيطة (سميت بالدولاب المائي البسيط ) وايضا عرفت بتاثير الفراشة تمكن من خلالها التنبؤ بدقة اكثر للطقس. لورانز تمكن من إكتشاف ذلك لتوفر الظروف التكنولوجية المناسبة في عصره (بدء ثورة المعلوماتية). الأساس في هذه النظرية كان عالم الرياضيات الفرنسي هونري بوانكاريه المؤسس النظري الفعلي لنظرية الفوضى كما نعرفها اليوم، عندما تحدث في أواخر القرن التاسع عشر عن الأنظمة الحساسة للشروط الأولية. بالتالي يمكن ان نقول ان نظرية الفوضى تخص الأنظمة الديناميكية ( التي تتغير خصائصها مع الوقت) اللاخطية والتي تبدي نوعاً من الفوضى في سلوكها. هذه الفوضى تعود إلى عاملين أساسيين: –عدم القدرة على تحديد العوامل الأولية أو البدائية بدقة عالية جداً. -عامل ثاني يخص طبيعة هذه الأنظمة نفسها وحساسيتها العالية جداً للشروط الأولية مما يؤدي إلى نتائج مختلفة جذرياً عند أي تغيير طفيف في هذه الشروط البدئية. منذ عام 1970، قد شاركت نظرية الفوضى في العديد من المجالات البحثية المختلفة، مثل الفيزياء والرياضيات، والهندسة، وعلم الأحياء والكيمياء الخ . وهناك عدة انواع من الانظمة الفوضوية تختلف باختلاف طريقة توليدها ومعادلاتها منها: نظام روسلر الفوضوي في الكيمياء وهنا تم تحسين معادلات لورنز لتناسب التفاعلات الكيميائية ونظام تشا الذي تمكن من توليد ظاهرة التشويش مختبريا باستخدام دائرة كهربائية وهانون الذي استطاع توليد نظام فوضي ذا شارة متقطعة…. الخ. استخدام نظرية الفوضى في الاتصالات نظرا للتطور الهائل الذي حدث في الشبكات ونقل المعلومات فقد اصبحت امن وسلامة هذه المعلومات عند النقل او الخزن ذات اهمية قصوى سواء على مستوى شخصي بين الافراد او عام في المؤسسات العسكرية او الطبية او الشركات…الخ وهنا ظهرت تقنيات مختلفة لحفظ وسلامة هذه المعلومات منها التشفير والاخفاء والعلامة المائية. ففي وقت متأخر في عام 1989 ماثيوز ثم العديد من الباحثين لاحظت أن هناك وجود علاقة مثيرة للاهتمام بين الفوضى والتشفير ولاحقا الاخفاء ، فبالرغم من وجود عدة طرق تشفيرواخفاء مثل DES, RSA LSB,… الخ التي تستخدم للنصوص والبيانات القصيرة فقد اظهرت عدم فعاليتها عندما تكون البيانات كبيرة الحجم وتحتوي معلومات مهمة كثيرة لذا توجه الاهتمام الى النظرية الفوضوية لقدرتها على توليد ارقام عشوائية تظهر كضوضاء للشخص الذي لايعرف الية توليدها والقيم الابتدائية والمعاملات المستخدمة في توليدها وبالتالي تمثل طريقة سريعة وامنة واقل كلفة للتشفير والاخفاء مقارنة بكل الطرق الموجودة. حيث يتم استخدام الارقام المتولدة كمفتاح سري بين المرسل والمستخدم وامكانية تشفير او اخفاء المعلومات المخزنة او المرسلة ويوفر امكانية تشفير القناة الناقلة للمعلومات. |
|